هل لاحظت يومًا أن التكرار الأول لرفعة الديدليفت من الأرض يبدو أصعب بكثير من التكرارات اللاحقة؟ أو ربما واجهت صعوبة في رفع البار من على صدرك من وضع السكون التام، لتجد الرفعة أسهل بكثير إذا قمت أولاً بإنزالها من الأعلى؟ تشير هذه التجارب الشائعة في تدريب القوة إلى مبادئ فسيولوجية رائعة، تتعلق بشكل أساسي بقدرة عضلاتنا المذهلة على تخزين وإطلاق الطاقة المرنة.
دعنا نستكشف هذه الأسئلة والعلم الكامن وراءها.
الأسئلة المحيرة
يشعر العديد من الرياضيين بهذه الاختلافات بشكل غريزي، حتى لو لم يعرفوا الأسباب الدقيقة:
-
لماذا يكون التكرار الأول لرفعة الديدليفت من الأرض أصعب من التكرار الثاني؟
-
لماذا، إذا وضعنا البار لرفعة البنش برس على صدرنا للتكرار الأول، لا يمكننا رفعه، ولكن إذا أخذناه من الأعلى (من على الرف)، وأنزلناه، ثم رفعناه، يمكننا ذلك؟
-
بشكل عام، لماذا يكون الأمر صعبًا للغاية إذا أردنا أداء الجزء الإيجابي (المركزي) من الحركة قبل أداء الجزء السلبي (اللامركزي)؟
تسلط هذه الأسئلة الضوء على مفهوم أساسي: ميزة بدء حركة مركزية (رفع) قوية بعد حركة لامركزية (إنزال).
الإجابة العلمية: المغازل العضلية ودورة الإطالة والتقصير
يكمن مفتاح فهم هذه الظواهر داخل عضلاتنا، وتحديدًا في المستقبلات الحسية المتخصصة المعروفة باسم المغازل العضلية.
داخل عضلاتنا، توجد ألياف تسمى المغازل العضلية. وظيفة هذه المغازل هي مراقبة درجة تمدد العضلات.
هذه الهياكل الصغيرة والمعقدة ضرورية للإحساس بالتوازن (إحساسنا بوضع الجسم) ولتحسين انقباض العضلات. إنها تعمل بمثابة "كاشفات التمدد".
عندما تقوم بالجزء السلبي (اللامركزي) من الحركة وتتمدد العضلة، ترسل هذه المغازل رسالة إلى الحبل الشوكي، تطلب منه أن يقلص العضلة، ويساعد هذا الإجراء في انقباض الجزء الإيجابي (المركزي) من الحركة.
تصف هذه الآلية ما يعرف باسم دورة الإطالة والتقصير (SSC).
إليك كيفية عملها:
-
المرحلة اللامركزية (الإنزال/التمدد): عندما تتمدد العضلة خلال المرحلة اللامركزية من الحركة (على سبيل المثال، إنزال بار الديدليفت، إنزال بار البنش برس إلى صدرك)، تكتشف المغازل العضلية هذا التمدد.
-
تخزين الطاقة المرنة: يتسبب هذا التمدد في قيام المكونات المرنة داخل العضلات والأنسجة الضامة (مثل الأوتار) بتخزين الطاقة الميكانيكية، تمامًا مثل الشريط المطاطي المشدود.
-
تفعيل رد الفعل المنعكس للتمدد: في الوقت نفسه، تثير المغازل العضلية قوسًا انعكاسيًا وقائيًا إلى الحبل الشوكي. يتسبب هذا الانعكاس في انقباض العضلة المتمددة بسرعة، مما يعمل كآلية تقوية.
-
المرحلة المركزية (الرفع/التقصير): عندما تنتقل العضلة على الفور من التمدد اللامركزي إلى الانقباض المركزي، يتم إطلاق الطاقة المرنة المخزنة بسرعة، مما يضيف إلى القوة التي تنتجها الألياف العضلية. يساهم رد الفعل المنعكس للتمدد أيضًا في انقباض أكثر قوة وكفاءة.
ربط النقاط: لماذا التكرار الأول أصعب
الآن، دعنا نراجع أسئلتنا الأولية مع هذا الفهم:
-
رفعة الديدليفت من الأرض: يبدأ التكرار الأول لرفعة الديدليفت من الأرض من "وضع السكون التام". لا توجد مرحلة لامركزية سابقة لتحميل المغازل العضلية أو تخزين الطاقة المرنة. يجب على الرياضي التغلب على جمود الوزن بالقوة العضلية البحتة، دون الاستفادة من دورة الإطالة والتقصير. تسمح التكرارات اللاحقة، حتى لو كانت تلامس الأرض لفترة وجيزة، بـ "ارتداد" طفيف أو دوران سريع من اللامركزية إلى المركزية، مما يؤدي إلى إشراك دورة الإطالة والتقصير.
-
رفعة البنش برس من الصدر: وبالمثل، إذا تم وضع البار على الصدر، تكون العضلات في حالة استرخاء وغير متوترة. يتطلب الرفع من هذا الوضع بدء الانقباض المركزي دون أي تمدد مسبق أو مساهمة في الطاقة المرنة. عندما تقوم بإنزال البار من الأعلى، فإنك تشارك بنشاط في المرحلة اللامركزية، وتمتد عضلات الصدر والترايسبس، وتنشط المغازل العضلية، وتخزن الطاقة المرنة. هذا يهيئ العضلات لدفعة أقوى إلى الأعلى.
-
المركزي قبل اللامركزي: إن محاولة حركة مركزية بدون مرحلة لامركزية سابقة (تُعرف باسم الرفعة "المركزية فقط") هي بطبيعتها أكثر صعوبة لأنك تتجاوز تمامًا فوائد دورة الإطالة والتقصير. أنت تفقد "الطاقة المجانية" من الارتداد المرن والتقوية الانعكاسية من المغازل العضلية.
الخلاصة
إن "صعوبة" بعض الرفعات، وخاصة تلك التي تبدأ من وضع السكون التام أو بدون مرحلة لامركزية سابقة، ليست مجرد شعور؛ إنها ظاهرة فسيولوجية قابلة للقياس. إن فهم دور المغازل العضلية و دورة الإطالة والتقصير يساعد في تفسير سبب أهمية المرحلة اللامركزية المتحكم فيها لتحقيق أقصى قدر من إنتاج القوة خلال المرحلة المركزية اللاحقة. إنه دليل على الميكانيكا المتطورة لجسم الإنسان وكيف يعمل نظامنا العصبي والعضلي معًا لجعلنا محركين أقوى وأكثر كفاءة.